مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي
عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق
أوجد الإنسان لنفسه تشكلات فنية متنوعة منذ الأزل تعكس ثقافات وحضارات عريقة تؤكد أنه ذات مبدعة ومبتكرة تنفلت من كل تعريف. فانبجست صورة فنية مسرحية في تشكلها المضموني والجمالي كتعبير صادق عن كوامن الذات التواقة إلى معانقة الجمال الفكري اللامتناهي. و دحض كل ما من شأنه أن يحول دون حريتها الإبداعية الجامحة. فكانت رحلة "بتر بروك" نحو العالم الإفريقي والشرقي مطية للتعبير والكشف عن مواطن الاختلاف والثراء الإبداعي في فن الفرجة المسرحية. ولاسيما بتنوع الثقافات التي تعكس رؤية كونية عميقة تقر بأن الفنان يسعى باستمرار إلى الحفاظ على أنسته بالفكر المتجدد وبالتعبير الإبداعي الحر والتلقائي. بالإضافة إلى كونها تكرس رؤية متفردة للمبدع لضمان سيرورته. ولعل المكانة المرموقة التي حظي بها هذا المخرج المسرحي في رحلته المسرحية نحو العالم لاستكشاف تعبيرات جديدية ومساءلة المسرح في التراث الشرقي خاصة وأنها تعد أكبر دليل على عمق تجربته الفنية والإنسانية الخصبة. وذلك بإعطاء مساحة رحبة أمام المتلقي للتعبير المسرحي كمصدر للإلهام يؤسس لدلالات جمالية وفكرية . ولاسيما عرض " المهابهاراتا" وهو عبارة عن "أطول قصيدة ملحمية" في العالم لذلك تعد من أعظم أعماله على الإطلاق بتجاوزها لكل الفوارق. كما أن هذا الأثر الفني الحامل لبصمة "بتر بروك" المبدع المسرحي العبقري والتي تختزل الأثر الفني في الكيان المبدع وتعزز أيضا المكانة التي يصبو الإنسان إلى بلوغها في شموليتها الكونية. فإلى أي مدى يمكن أن تساهم الفرجة المسرحية في تأصيل ذات واعية بثرائها الفني وتعزز رقيها الكياني ونهضتها الكونية. وأي قدرة لفن ضارب في القدم، أن يرقى بالذات في كينونتها، والوصول إلى العامة وملامسة جوهرها مع العلم أن المطمح الإنساني يكمن في البحث المتواصل عن التجديد في مجال الفن الدرامي.